كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تدوير زيوت الطهي المستعملة؟ – آراء ومقالات

ويتمتع وقود الديزل الحيوي بإمكانيات عالية كمصدر جديد للطاقة المتجددة في المستقبل، وكوقود بديل للديزل المشتق من البترول ويمكن استخدامه في محرك الديزل الحالي دون تعديل.

تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في زيادة فرص إعادة تدوير زيوت الطهي المستعملة، وتسريع عمليات إنتاج وقود أكثر استدامة

ويُنتج حاليًا أكثر من 95٪ من وقود الديزل الحيوي في العالم من زيت الطعام المتاح بسهولة على نطاق واسع من الصناعات الزراعية، ومع ذلك، فإن الإنتاج المستمر وواسع النطاق للوقود الحيوي من زيت الطعام دون تخطيط مناسب قد يتسبب في تأثير سلبي على العالم، مثل استنفاد الإمدادات الغذائية واختلال التوازن الاقتصادي.

تكمن الحلول الممكنة للتغلب على هذه المشكلة في استخدام زيوت غير صالحة للأكل أو نفايات زيت الطعام. حيث تشهد إعادة تدوير زيت الطهي المستعمل تحولًا جذريًا بفضل التقنيات الرقمية، وتساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية في زيادة فرص إعادة تدوير زيوت الطهي المستعملة، وتسريع عمليات إنتاج وقود أكثر استدامة.

توفر مستشعرات إنترنت الأشياء رؤية آنية، وتعزز خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي كفاءة التجميع، وترفع جودة المواد الخام، وتخفض التكاليف، إضافة إلى اكتشاف عمليات التسريب والسرقة والاحتيال، وتضمن أنظمة البلوك تشين سلامة سلسلة التوريد.

التجميع والمراقبة

يمكن من خلال المراقبة المُمكّنة بإنترنت الأشياء وشبكات الاستشعار الذكية تجهيز صناديق أو خزانات جمع الزيوت بأجهزة استشعار، للحصول على رؤى آنية عن شبكات التجميع. وتشمل هذه الرؤى مراقبة مستوى امتلاء الخزانات، وجودة الزيت، وكشف التسريب أو السرقة، وإطلاق التنبيهات عند الحاجة.

كمثال على ذلك، تقوم فيتنام بتجربة نظام آلي ومتقدم لجمع زيت الطهي المستعمل، أطلقته شركة “إيكو أويل”، يتم نشر هذه الآلات عبر المجمعات السكنية وسلاسل المطاعم والمطابخ الصناعية.

تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لقياس كمية السوائل المتدفقة، مثل زيوت الطهي المستخدمة، بشكل دقيق وفي الوقت الحقيقي، من خلال أجهزة استشعار متقدمة لقياس حجم الزيت الذي يتم جمعه أو نقله، وتُسجل البيانات تلقائيًا في نظام رقمي.

يمكن لمستخدمي النظام تتبع كمية الزيت التي يساهمون بها عبر تطبيق على هواتفهم الذكية، كما يحسّن النظام عمليات الجمع والنقل، ويقلل من الهدر، ويضمن أن الزيت المُجمع صالح لإعادة التدوير وتحويله إلى وقود مستدام.

الذكاء الاصطناعي للتصنيف والتنبؤ والتحسين

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في التعرّف على جودة المواد، إذ تساعد أجهزة الاستشعار والخوارزميات في التحقق من أن الزيت هو بالفعل زيت طهي مستعمل، وغير ملوث أو مخفف أو مستبدل.

كما تمكّن البيانات القادمة من صناديق الجمع الذكية الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بموعد الحاجة إلى جمع النفايات، وجدولة الشاحنات ديناميكيًا، لضمان أن عمليات تجميع الزيوت لا يتم إجراؤها إلا عندما تكون الخزانات ممتلئة بدرجة كافية، مما يؤدي إلى تحسين الطرق وتقليل الرحلات غير الضرورية لعربات التفريغ، ويوفر هذا التوجيه الديناميكي الوقت والوقود.

تطوّر “يونغ راي” التايوانية، مجموعة من آلات إعادة تدوير زيوت الطهي المستعملة، لحل تحديات إعادة تدوير الزيت وتحويلها إلى وقود طيران مستدام. وتطبق الشركة تقنية الذكاء الاصطناعي لإنترنت الأشياء AIoT على آلة إعادة التدوير الذكية للسماح للمتاجر بتسليم الزيت المستخدم في أي وقت.

كما تحتوي آلة إعادة التدوير الذكية على وحدة كشف إعادة التدوير في الوقت الفعلي، تكتشف جودة الزيت المستخدم، وتسجل هذه البيانات من خلال تقنية “بلوك تشين” لضمان أصالة وثبات تاريخ الإنتاج، مما يساعد على تتبع تدفق الزيت المستخدم ومنع التخلص غير القانوني.

كشف الاحتيال والسرقة والتسريب

أصبح زيت الطهي المستعمل سلعة ذات قيمة عالية، ومع نمو الطلب يزداد خطر السرقة، إذ تشير التقديرات إلى سرقة ما قيمته 75 مليون دولار من زيت الطهي المستخدم سنويًا في أميركا، ويخلق هذا تحديًا أمنيًا خطيرًا، يؤدي إلى فقدان الإيرادات وتعطيل العمليات.

توفر تقنية الذكاء الاصطناعي، حلًا متقدمًا لمراقبة وحماية أصول زيوت الطهي المستعملة، إذ تلعب المستشعرات الذكية في حاويات التخزين دورًا هامًا في منع السرقة، من خلال مراقبة مستمرة لمستويات الزيت في صهاريج التخزين، والتقاط البيانات في الوقت الفعلي، وكشف أي نشاط غير عادي، مثل الانخفاض المفاجئ في الحجم، وإرسال تنبيهات فورية لفرق إدارة النفايات.

يسمح هذا النهج الاستباقي لناقلي الزيوت المستعملة بالاستجابة بسرعة، ومنع الخسائر أو تقليلها بشكل كبير والحفاظ على سلسلة توريد آمنة.

البلوك تشين الحارس الأمين

تدمج بعض الأنظمة تقنية البلوك تشين (BCT)، لجعل البيانات التي تصل من حاويات التجميع ثابتة وشفافة في سلاسل القيمة، والتي يُحوّل فيها الزيت المستعمل في نهاية المطاف إلى وقود حيوي أو وقود طائرات مستدام، حيث تُصبح إمكانية التتبع أمرًا بالغ الأهمية.

ويمكن تشبيه تقنية البلوك تشين بدفتر حسابات رقمي لامركزي، يُسجل المعاملات عبر شبكة من أجهزة الكمبيوتر، ويرتبط كل سجل أو “كتلة” بالسجل السابق له، مُشكلين بذلك سلسلة آمنة ومقاومة للتلاعب.

وعلى عكس قواعد البيانات التقليدية التي تُسيطر عليها سلطة مركزية، فإن تقنية البلوك تشين موزعة بحيث يمتلك كل مشارك نسخة من دفتر الحسابات هذا، كما تتمتع البيانات بالثبات وعدم إمكانية تعديلها بمجرد تسجيلها.

وتمنح تقنيه البلوك تشين للمشاركين مكافآت مالية مقابل التحقق من العُقد وكتل البيانات، وذلك على شكل عملات رقمية مشفرة في عملية تسمى التعدين.

تستخدم شبكة إعادة تدوير زيت الطهي المستعمل (UCO Network) تقنية البلوك تشين لتتبع الزيت من المطاعم إلى مرافق إعادة التدوير، من خلال تطبيق Oily اللامركزي والذي يقدم ميزات مثل “التعلم لكسب المال” حيث يُمكن للمستخدمين ربح مكافآت من خلال اكتساب مهارات ومعارف جديدة حول التعامل السليم مع زيوت الطهي المُستعملة وإعادة تدويرها، وبالمثل، تتيح ميزة “الخريطة لكسب المال” للمستخدمين المساهمة في المجتمع، من خلال تحديد المطاعم التي تنتج زيوت الطهي المستعملة، ويساعد هذا الجهد الجماعي شبكة إعادة التدوير على تعزيز الممارسات الفعالة، وزيادة عدد المطاعم التي تعيد تدوير زيوت الطهي المستعملة.

تترافق إمكانية التتبع مع الشفافية، إذ تكون جميع المعاملات مرئية للمشاركين المُصرّح لهم، وتضمن إمكانية تتبع دورة حياة الزيوت المُعاد تدويرها، بما في ذلك مصدرها، ومعالجتها، وتحويلها للمنتج النهائي، وتضمن أنظمة التتبع الفعالة مراقبة الجودة، والتحقق من ادعاءات الاستدامة، ومنع الأنشطة الاحتيالية مثل الغش أو وضع علامات خاطئة على المنتجات المُعاد تدويرها.