معلومات عامة

غابات الصنوبر التاريخية في لبنان تواجه أخطر موجة جفاف منذ عقود – التغير المناخي

الأزمة البيئية في غابة بكاسين: تراجع مخزون مخاريط الصنوبر

في جنوب لبنان، وفي قلب غابة بكاسين الشهيرة بأشجار الصنوبر، ترسم الأزمة البيئية ملامحها بوضوح: تراجع كبير في مخزون مخاريط الصنوبر – الذي كان لسنوات مصدراً رئيسياً للعيش – بفعل الجفاف وظهور آفة غريبة داخلياً وخارجياً.

على مدى سنوات، شهد مزارعو الغابة انخفاضاً مطرداً في إنتاجهم، إذ بدأوا بمنحه إلى تقلبات الطقس الموسمية، إلا أن ديناميكيات الأزمة تغيّرت في 2015 حينما تأكد خبراء الغابات من انتشار حشرة تتغذى على مخاريط الصنوبر اللبناني الثمين.

بحسب نبيل نمر، خبير صحة الغابات في جامعة الروح القدس ـ الكسليك، لا تنحصر مسألة الآفة عند تقليل الإنتاج، بل تصل إلى مرحلة تجعل أكثر من 82 % من قرون المخاريط تتحول إلى قشور فارغة، بحيث لا تجني الأشجار ما كانت تجنيه سابقاً.

وأوضحت التحليلات أن الحشرة المعروفة علمياً باسم (ليبتوجلوسوس)، والتي يُعتقد أنها نشأت في أمريكا الوسطى، يعتقد أنها وصلت إلى لبنان عبر منصّات شحن خشبية غير معالجة، ثم انتشرت لاحقاً عبر البحر المتوسط إلى تركيا ومناطق أخرى.

تضم غابة بكاسين نحو مئة ألف شجرة صنوبر مثمرة، لكن وفقاً لـ منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن أعداد الأشجار التي تموت أو تصبح غير مثمرة في الغابة تتزايد بفعل الضغوط المناخية والآفات.

هذا التدهور البيئي يتقاطع مع هشاشة في البُنى المؤسسية. فبعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، لم تعد هناك إدارة حكومية فعّالة للاعتناء بالغابات، وازدادت عمليات قطع الأشجار غير القانونية منذ الأزمة الاقتصادية التي بدأت عام 2019.

من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، انعكس الأمر على حياة المزارعين وسلسلة الحصاد، حيث يقول أحدهم إنه من بين ما يقارب 250 جامعاً لمخاريط الصنوبر، تقلّص عدد العاملين حالياً إلى عشرات فقط مع تراجع الموسم.

كما ارتفع سعر بيع الكيلوغرام من حبوب الصنوبر من نحو 65 دولاراً قبل خمس سنوات إلى نحو 100 دولار حالياً، ما دفع الكثير من الأسر والمطاعم اللبنانية إلى استبدالها بشرائح اللوز الأرخص ثمناً.

أما من الجانب البيئي، فيحث نمر على أن الحل لا يقتصر على الحملة الوطنية لرش المبيدات المزمع إطلاقها بين مايو وأكتوبر 2026، بل يتطلب استراتيجية شاملة تشرك المزارعين أنفسهم في رصد الآفات وإبلاغ السلطات وإدارة الغابة، ضمن برامج تدريبية يقودها الجامعة ووزارة الزراعة ومنظمة الأمم المتحدة للبيئة.

وفي هذا المناخ، تبدو أشجار الصنوبر في لبنان وكأنها تقول بصمت: «نحن بحاجة إلى معالجة جاذبة ومستمرة، لا فقط رشّاً لآفة». فحين تُضعف الأشجار بسبب الجفاف وارتفاع الحرارة، تفقد قدرتها الطبيعية على الدفاع عن نفسها، وتتحول إلى فريسة سهلة للآفات، بحسب نمر.

رويترز

الأسئلة الشائعة

ما هي أسباب تدهور غابة بكاسين؟
تدهور الغابة يعود إلى مخاطر بيئية مثل الجفاف وظهور آفة (ليبتوجلوسوس) التي تتغذى على مخاريط الصنوبر.
كيف أثر ذلك على المزارعين؟
شهد المزارعون انخفاضًا كبيرًا في الإنتاج، مما أدى إلى تقليص عدد العاملين من 250 إلى عشرات فقط.
ما هي الحلول المقترحة لمواجهة هذه الأزمات؟
تتضمن الحلول مقترحات لرش المبيدات واستراتيجيات شاملة تشمل تدريب المزارعين ورصد الآفات.
ما هو تأثير الأزمة الاقتصادية على الغابة؟
تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى زيادة قطع الأشجار غير القانونية وعدم وجود إدارة حكومية فعّالة.
هل هناك دراسات توضح صحة الغابات في لبنان؟
نعم، هناك دراسات وأبحاث تُجريها مؤسسات أكاديمية مثل جامعة الروح القدس لمتابعة صحة الغابات وآفاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى