زاهر هاشم
يزداد الاستثمار في الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، مدفوعًا بأزمة المناخ والخطط الاستراتيجية العالمية نحو “صفر انبعاثات”، وانخفاض تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة بفضل التكنولوجيا الرائدة في هذا القطاع.
وبلغ الاستثمار العالمي في تقنيات ومشاريع الطاقة المتجددة في النصف الأول من عام 2025 رقمًا قياسيًا وصل 386 مليار دولار أميركي، بزيادة بنحو 10% عن نفس الفترة من العام الماضي، بحسب تقرير صدر مؤخرًا عن مركز أبحاث “تحليلات الكربون الصفري”، ويُظهر التقرير أن معدل نمو استثمارات الطاقة المتجددة لم يتباطأ بشكلٍ ملحوظ، فبين النصف الأول من عام 2023 وعام 2024، ارتفع إجمالي الاستثمار بنسبة 12%، وبلغت الزيادة 17% بين عامي 2022 و2023.
وبحسب التقرير فإن التعهدات العالمية بتمويل الطاقة النظيفة بلغت ما لا يقل عن 470 مليار دولار أميركي منذ مطلع العام الحالي، ذهبت بمعظمها إلى شبكات الطاقة والنقل، وهو ما يسلط الضوء على الطبيعة الطويلة الأجل لهذه الالتزامات المتعلقة بالبنية الأساسية.
بلغ الاستثمار العالمي في تقنيات ومشاريع الطاقة المتجددة في النصف الأول من عام 2025 رقمًا قياسيًا وصل 386 مليار دولار أميركي
وبينما شهدت الولايات المتحدة انخفاضًا بنسبة 36% في الإنفاق على الطاقة المتجددة منذ النصف الثاني من العام الماضي، مدفوعًا بتغييرات في السياسات المناخية، ارتفع الاستثمار في أوروبا بنسبة 63%، ورغم هذا الانخفاض، ظل الاستثمار الأميركي أعلى من مستوياته لعام 2022.
ومن المتوقع، بحسب تقرير “الاستثمار العالمي في الطاقة” الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، أن يرتفع الاستثمار العالمي في الطاقة في 2025 إلى 3.3 تريليون دولار أميركي، بزيادة قدرها 2% بالقيمة الحقيقية مقارنةً بعام 2024، وسيُخصص حوالي 2.2 تريليون دولار أميركي مجتمعةً لقطاعات الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، وشبكات الطاقة، وتخزين الطاقة، والوقود منخفض الانبعاثات، أي ضعف المبلغ المُخصص للنفط والغاز الطبيعي والفحم.
التكنولوجيا تخفّض التكاليف
أكد تقرير صادر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، حول تكاليف توليد الطاقة المتجددة في عام 2024 أن مصادر الطاقة المتجددة تحافظ على ريادتها من حيث التكلفة في أسواق الطاقة العالمية.
تشهد الطاقة الشمسية الكهروضوئية نموًا سريعًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وبيّن التقرير أن مصادر الطاقة المتجددة حافظت على ميزتها السعرية مقارنة بالوقود الأحفوري، مع انخفاض التكاليف بفضل الابتكار التكنولوجي وسلاسل التوريد التنافسية.
ففي عام 2024، كانت الطاقة الشمسية الكهروضوئية أرخص بنسبة 41% في المتوسط من بدائل الوقود الأحفوري الأقل تكلفة، بينما كانت مشاريع طاقة الرياح البرية أرخص بنسبة 53%. وظلت طاقة الرياح البرية المصدر الأرخص للكهرباء المتجددة الجديدة، تليها الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
ولا تقتصر مزايا مصادر الطاقة المتجددة على قدرتها التنافسية من حيث التكلفة مقارنةً بالوقود الأحفوري فحسب، بل تتميز أيضًا بميزة الحد من الاعتماد على أسواق الوقود العالمية وتحسين أمن الطاقة.
وأخيرًا، تُحسّن التطورات التكنولوجية التي تتجاوز توليد الطاقة من اقتصاديات مصادر الطاقة المتجددة، فقد انخفضت تكلفة أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات (BESS) بنسبة 93% منذ عام 2010، لتصل إلى 192 دولارًا أميركيًا/كيلوواط ساعي بحلول عام 2024، ويُعزى هذا الانخفاض إلى توسيع نطاق التصنيع، وتحسين المواد، وتحسين تقنيات الإنتاج.
وتتزايد أهمية أنظمة تخزين البطاريات، والأنظمة الهجينة، والجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ونظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بالإضافة إلى التقنيات الرقمية، لدمج مصادر الطاقة المتجددة المتنوعة، كما تُحسّن الأدوات الرقمية المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي استجابة الشبكة.
مستقبل واعد للمنطقة العربية
ارتفع استهلاك الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير في العقود الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع بشكل حاد، حيث من المتوقع أن تلبي مجموعة من المصادر الطلب المتزايد مع سعي البلدان إلى تنويع إمدادات الطاقة لديها، وفقًا لتقرير جديد صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
ويخلص التقرير المعنون “مستقبل الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” إلى أن الطلب على الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضاعف ثلاث مرات بين عامي 2000 و2024 مع ارتفاع عدد السكان ومستويات الدخل، واستنادًا إلى السياسات المتبعة حاليًا، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الكهرباء في المنطقة بنسبة 50% إضافية بحلول عام 2035، أي ما يعادل الطلب الحالي لألمانيا وإسبانيا مجتمعتين.
الطلب على الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضاعف ثلاث مرات بين عامي 2000 و2024
ويُشير التقرير إلى أن الغاز الطبيعي والنفط يُهيمنان اليوم على مزيج الكهرباء في المنطقة، حيث يُمثلان أكثر من 90% من إجمالي توليد الكهرباء، ومع ذلك، تسعى العديد من الدول، بما فيها المملكة العربية السعودية والعراق، إلى اتباع سياسات للحد من دور النفط في أنظمة الطاقة لديها، مما يُتيح له استخدامات ذات قيمة أعلى أو للتصدير.
وتشهد الطاقة الشمسية الكهروضوئية نموًا سريعًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مدفوعًا بانخفاض التكاليف، ووفرة الموارد، والجهود الاستراتيجية لتوفير النفط والغاز لاستخدامات ذات قيمة أعلى أو للتصدير، ومن المتوقع أن تتضاعف سعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية عشرة أضعاف بحلول عام 2035، بزيادة قدرها 200 جيجاواط، وهذا من شأنه أن يرفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى الربع.
توسيع نطاق الطاقة الشمسية الكهروضوئية من شأنه أن يُحسّن المرونة في المناطق التي تشهد صراعات، من خلال تجنب الاعتماد على الشبكات الضعيفة، ومن المتوقع أن تستحوذ مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية على حصة أكبر من الاستثمار خلال هذه الفترة، مما يجعل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقرب إلى المتوسط العالمي.

كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تدوير زيوت الطهي المستعملة؟ – آراء ومقالات
ثورة البناء الذكي: كيف تغيّر الروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد مستقبل المنازل؟ – تقنيات خضراء
روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تحول النفايات الإلكترونية إلى موارد ثمينة – آراء ومقالات
الذكاء الاصطناعي يتتبع أخطر ملوثات الهواء – آراء ومقالات
حاكم أوريغون يطلب من وكالات الدولة الإسراع في مشاريع الطاقة النظيفة والكهرباء
تقرير مشروع Renewables: تقدم بناء الطاقة الشمسية في لويزيانا